يمكن تعريف عملية صنع القرار، كونها مجموعة القواعد والخطوات التي يتبعها المشاركون في عملية اتخاذ القرار من أجل اختيار معين بغية التصدي لمشكلة ما، وهي الأسس الرسمية وغير الرسمية التي يتم بواسطتها تقييم الاختيارات المتاحة والعمل على إحداث توافق فيما بينها، ويعد العالم ريتشارد سنايدر أول من تحدث عن تحليل صناعة القرار السياسي.
تُشكل الأيديولوجية الإطار المتكامل من الأفكار والقيم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وهي بذلك تمثل طريقة مُثلى في ممارسة السلطة، وصناعة القرار السياسي، سواءً كان القرار على مستوى الدولة، أو المجتمع الدولي برمته.
كون النظام السياسي هو الهيكل العام الذي تتفاعل وتتحرك فيه المؤسسات، فهو عبارة عن مجموعة العلاقات الإنسانية المكونة من رغبات وانفعالات وأفكار وإمكانات مادية ومعنوية، يضم جميع المبادئ والعلاقات الداخلية والخارجية التي تؤثر في صناعة القرار، إذ ما كان النظام مرنًا أو جامدًا، ديمقراطيًا أو دكتاتوريًا أو شبه ديمقراطي.
تُعد البيئة الداخلية والخارجية، سواءً البيئة الطبيعية أو البشرية، عاملاً حاسماً في صناعة القرار، فالبيئة بما توفره من موارد طبيعية وثقافية، وتفاعلات بين الفاعلين تؤثر على عملية صناعة القرار الداخلي والخارجي، فالدولة تنهج سلوكها السياسي بناء على العادات والتقاليد المجتمعية، وطبيعة علاقتها بالمجتمع الدولي، ومستوى تأثيرها في هذا المجتمع.
تلعب الخصائص الشخصية، والمؤثرات المحيطة، والمصالح التي تحكم القائد دوراً في صناعة القرار السياسي، خاصة في تلك النظم الشمولية، أو تلك القيادات التي تحظى بكاريزما معينة، أو تاريخ وطني من وجهة نظر المواطنين.
سواءً على الصعيد المحلي أو الدولي، فإن الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بات لها دور فاعل في عملية صنع القرار السياسي، إذ أن الإعلام بات يشكل وجهات النظر العامة للناس حول القضايا التي تشغلهم "الرأي العام"، مما يشكل حالة ضغط على صانع القرار قد يدفعه لاتخاذ قرار يتناغم والحالة العامة للناس، التي شكلتها وسائل الإعلام بدورها.
تساهم الأحزاب والنقابات والشركات العملاقة والمتوسطة، وغرف الصناعة والتجارة، والاتحادات والجمعيات بشتى مجالاتها كقوى ضاغطة، في توجيه صانع القرار نحو اختيار قرارات دون أخرى تتوافق ومصالحها، وخاصة في الدول ذات النظم الانتخابية، إذ يتوجه صاحب القرار لاتخاذ قرارات معينة بهدف تحسين وضعه من وجهة نظر الناخبين.
يتأثر صانع القرار بالتكوين الديموغرافي للمجتمع، سواءً إذا كان المجتمع ذات أغلبية شابة أو مسنة، متعلمة أو أمية، فاعلة أو متكاسلة، وكل هذه العوامل الديموغرافية تقود وتوجه صانع القرار السياسي، في اتخاذ القرارات التي تلقى صدىً طيب لدى الجمهور، وتخدم مصالح الأغلبية خاصة في ظل النظم الديمقراطية.
تتنوع المداخل النظرية في دراسة عملية صناعة القرار السياسي في العلوم السياسية، والتي منها ما يأتي: