يشغل تفسير الرؤى والأحلام حيّز تفكير الكثير من الناس، خاصّة أنّ تفسير الأحلام ومعرفة دلالاتها أمرٌ لا يمتلكه إلا مَن كان لديه ملكةٌ وموهبةٌ منحها الله إياه، أو من اجتهد في اكتساب هذا العلم بعد اطِّلاعٍ واسع وخبرة طويلة، وعلى الرائي بداية أن يعلم أنّ دلالات الرؤى والأحلام قائمة على الاجتهاد، فقد تُصيب وتقع، وقد تُخطئ ولا تقع.
وهناك عدّة وسائل وطرق تُعين على معرفة تفسير ما يراه الشخص في منامه، ولعلّ من أهمّها ما يأتي بيانه:
قبل البحث عن تفسير الرؤى والأحلام لا بدّ من التفريق بين ما يكون رؤيا صادقة حقاً، وبين ما يكون ناتجاً من الشيطان أو التفكير، فكثيرا ما تكون الأحلام عاكساً لما يشعُر به الشّخص ويفكّر فيه ويرغبُه، فتأتي أثناء نومه على هيئة أحلام، وهذا في الغالب لا تفسير ولا معنى له.
وكذلك ما يراه النائم من الأمور المزعجة والغريبة، حيث يكون ذلك أحلاماً من الشيطان بقصد إحزان الرائي حتى يقلق ويخاف، وهي أيضاً لا معنى لها، قال -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا ثلاثٌ: فَرؤيا حقٌّ، ورُؤيا يحدِّثُ الرَّجلُ بِها نفسَهُ، ورؤيا تحزين منَ الشَّيطان)، أما ما يكون له تأويل فهي الرؤيا الصادقة، ويستطيع الرائي تمييزها من خلال صفاتها، وأبرزها ما يأتي:
وبعد أن يفرّق الرائي بين الرؤيا والحلم؛ فإن كان ما رآه حلماً مزعجاً وفيه أحداث غريبة فالأفضل أن لا يبحث عن تفسيره، ويستعيذ بالله من الشيطان ومن شرّ ما رأى، لقول النبيّ الكريم: (إذَا رَأَى ما يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ باللَّهِ مِن شَرِّهَا، ومِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، ولْيَتْفِلْ ثَلَاثًا، ولَا يُحَدِّثْ بهَا أحَدًا؛ فإنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ)، أما إن كان ما رآه رؤيا صادقة؛ فالمباحث الآتية تفيده في معرفة تأويل ما رأى.
يُمكن الاستفادة ممّا كتبه أهل العلم والاختصاص في كتبهم في تفسير الرؤى، فقد تحتوي بعض رؤى النّائم على الرموز؛ كالحيوانات أو الفواكِه وغير ذلك، ويُمكنُ حينها الرُجوع إلى كُتب التّفسير المعروفة ومعرِفة دَلالة هذه الأشياء، وفيما يأتي ذكر بعض الأمثلة:
إذ إنّ الثّمار رمز، ورؤيتها في المنام قد يدلّ على الرزق والعلم النافع المفيد، خاصة إذا كانت حلوة المذاق، أمّا إذا كان طعمها حامضاً وغير لذيذ فقد تدلّ حينها على المرض.
عادة ما يدلّ اللون الأصفر في المنام على الهموم والمرض.
ذكر أهل العلم وتأويل الرؤى مثلاً أنّ الخيار في المنام قد يدلّ على الحزن والهمّ.
يرى كثير من أهل العلم أنّ الذهب في المنام له دلالات غير محمودة، بسبب صفرته ودلالة لفظه.
الشعر الطويل عادةً ما يدلّ مثلاً على طول العمر وزيادة المال إذا كانت هيئته جميلة.
ولكن يجدر بالذّكر أنّ هذه الدلالات قد تختلف بحسب أحداث ما يراه النائم وبحسب حال الرائي، فعلى مَن أراد البحث في الكتب عن تفسير حلمه أن يعي ذلك جيداً، ومن الكتب التي يمكن الرجوع إليها على سبيل المثل: كتاب "تعطير الأنام في تعبير المنام" لعبد الغني النابلسي، وكتاب "الإشارات في علم العبارات" لابن شاهين، وكتاب "تنبيه الأفهام بتأويل الأحلام" للملّا الإحسائي، وغيرها من الكتب.
يُمكنُ للرائي الاستعانة بمُفسِّرين يثق بهم ولديهم علم كامِل بتفسير الرؤى والأحلام، وهذا أمر مهم لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الرُّؤيا على رِجْلِ طائرٍ ما لم تُعبَرْ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَتْ، قال: وأحسَبُهُ قال: ولا يقُصُّها إلَّا على وَادٍّ، أو ذي رأيٍ).
أي قبل اللجوء إلى تفسير الرؤى على يد مفسّر ينبغي الاطمئنان والثقة بعلمه، وكونه شخصاً صالحاً وصادقاً، وقريباً من الله -تعالى-؛ حتى يطمئن الرائي من صحّة تأويله، حيث قال ابن القيم -رحمه الله-: "كُلَّمَا كَانَ الْمُعَبِّرُ أَصْدَقَ وَأَبَرَّ وَأَعْلَمَ كَانَ تَعْبِيرُهُ أَصَحَّ".