إنّ البكاء في الرؤى من الأمور التي تكثر في التأويلات، غير أنّه غالباً يرجع لعدة معان من أشهرها؛ الفرج، وتفريج الهموم، ويختلف باختلاف الرائيين والرؤى، وغير ذلك من الاعتبارات.
لرؤية البكاء في المنام تأويلات عدة، منها:
يختلف تأويل البكاء بحسب حال الرائي كما يأتي:
فلعل الله يحقّق مراده، وإن كانت فتاة مُقْبِلة على الخطبة أو الزواج وتبكي بصراخ؛ فلعلها مُكرهةٌ على الزواج أو غير مطمئنة له.
ولو رأى الأب أنه يَعُدُّ دمعات عينه في يده، فقد تدل على أنه يرزق مولوداً جديداً أو يرزق على عدد الحبات أولاد.
فقد يدل على فقدان أحدٍ من أهله -لا سمح الله-.
وإن كان الرائي عجوزاً، فقد يدل على انتهاء عمره بخير له -إن شاء الله-.
ولو رأت الزوجة زوجها يبكي أمامها ويخفي دموعه، فلعله هَمٌّ لا يريد زوجها أن تطلع عليه؛ حتى لا يزعجها فعلى الزوجة أن تفعل ذلك في الواقع، وإن لم يخفه عنها، فقد يكون فرجاً لحالهما؛ خاصةً لو رافق البكاء هذا ابتسامة، ولو رأى أنه يبكي وهو يعانق شخصاً آخر، فلعله سفر وفراق بين صديقين، وإن رأى البيت يبكي عليه، فأهل هذا البيت يحبونه ويقدرونه.
من رأى ابنه يبكي، فقد يكون همٌّ لهما إن كانا في حزن، وإلّا ففرج للابن أو لأبويه -إن شاء الله-.
إن رأى الأرض تبكي، فهو خير ورزق يأتيه من الأرض.
ولو رأى إنسانٌ أنّ السماء أو الأرض تبكي عليه، فلعله من الصالحين؛ فالأفضل له الانشغال في الطاعات؛ وذلك لقوله -تعالى-: (مَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ)، لو كانت لهم حسنات لبكت عليهم السماء والأرض، كما قد يدل على أنه محافظ على السنن، وهناك من يعارضه أو يهاجمه، فحفاظه على الدين يُبكي السماء عليه إذا قَلَّ من ينصره، والله أعلم.
ومثل ذلك من يرى لو بكت عليه الحيوانات بالعموم، فهو دلالة أنه على خير؛ لأنّ الصالح تستغفر له حتى الحيوانات في البحر؛ فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ وملائِكتَهُ، وأَهلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّملةَ في جُحرِها، وحتَّى الحوتَ ليصلُّونَ على معلِّمِ النَّاسِ الخيرَ)؛ لأن نفعه متعد لهم.
وإن رأى راءٍ أن الناس كلهم يبكون، فقد يدل على تفريج همٍ عام، وإن كان بكاؤهم في السوق، فلعله رُخْصٌ في الأسعار أو إن كان بصراخ، فلعله غلاء في الأسعار، وإن رأى الحاكم أنه يبكي بحسرة فخسران ملك، أو جاه، أو مسؤول فخسران وظيفته.
ولو رأى كل الناس يبكون على المَلك، فدلالة على حسن سيرته بينهم، ولو كان بصراخ فدلالة على سوء سيرته عندهم، ومن رأى في عينيه دموعاً، فهو ندم على أمر وإن كان في المنام فَرِحٌ فيُبشر بخبر جميل.
وبشكلٍ عام، فقد قال النابلسي: البكاء في المنام للمعهود من سكن أو آدمي، يدل على بقاء ما هو عليه وعلى طول العمر، وربما قد يدل على الزيادة في التوحيد إن ذكر الله تعالى، أو سبّح، أو هلل؛ لأنّ ذلك أكثر ما يقال عند رؤية المعالم، والآثار وإن لطم وجهه، أو بكى بكاءً شديداً دل على الأنكاد والهموم ممن دل ذلك الأثر عليه.
ويبقى أن نشير إلى أن هذه التأويلات هي مجرد اجتهادات ظنية، وحقيقتها لا يعلمها إلا الله.
والله -تعالى- أعلم.